مساحة إعلانية

اتميميشات: بين مايجود به "الكارب" ووسطِِ صحراوي قاحل عصي

خميس, 13/09/2018 - 16:00
منظر من قرية أميميشات

اتميميشات: بين مايجود به "الكارب" ووسطِِ صحراوي قاحل عصي

هناك في الشمال الموريتاني تقع مدينتان أودع الله فيهما خيرات حسان من ثروات لا يقف على حصرها إلا من له الملك في السموات والأرض .
مدينة" أزويرات " التي تعد أولى المدن الموريتانية المعدنية بما تحمله جبالها الراسخة من المعدن النفيس وكذلك مدينة نواذيبو بثرواتها السمكية الهائلة .
واقع الحال فرض وجود قطار معدني  يجر نحو 400 عربة تحمل ما تفيض به أرض زويرات من خيرات معدنية إلى مدينة نواذيبو في إطار نفض الغبار عنها قبل تصديرها وذلك بشكل يومي وبمعدل ثلاث مرات خلال الأربع والعشرين ساعة في اليوم على سكة حديد بطول 700 كلم تمر على عدة محطات لاتكاد تميز من شدة الحرارة وصعوبة المناخ و إن ظلت محطة نصف الطريق الأبرز  بينهم من هنا تبدأ حكاية  "تميمشات " .
في اوائل ستينيات القرن الماضي كان سكان تلك المنطقة على موعد مع إنشاء قاعدة للقطار " الباز " من طرف شركة " مي فارما" أنذاك أو "سنيم" حاليا  ،وهي  فرصة رآها سكان المنطقة مواتية للقيام بنوع من التقري او التمدن وهم اهل بدو ورعاة إبل في جلهم   ، حيث قاموا ببناء منازل لهم قرب قاعدة القطار أو " الكارب" كما يطلق عليه محليا ، في بدايتها كانت "الشانتية" كما يحب أهل تلك الأرض أن يسموها تعيش أزهى فتراتها على الأقل من ناحية التواجد السكاني ، إلا أن تلك الميزة لم تدم طويلا فمع بداية السبعينات ودخول موريتانيا في ماعرف " بحرب الصحراء" قام سكان "تميمشات" بحزم أمتعتهم عازمين على الرحيل إلا القلة القليلة ممن حبستهم مواشيهم بسبب إرتباطها بنقاط المياه الموجودة قرب  "الشانتية" ، وإن كان سكان "تميمشات" ليسووا أعلى شئنا من مواشيهم فالكل لايروي ظمأه  إلا بما يجود به " الكارب" من "رواية" تسقي كل ظمآن على جانب السكة غالبا ما تكون أسبوعية فقط .
7:30من مساء الخميس 06/07/2017 لكأن شمس هذه "الشانتية" تأبى الغروب أو كما يبدو في الصوره أو لربما تكون الشمس رغم حرارتها هناك تنأى على نفسها أن تترك سكان الشانتية تحت رحمة تلك الاسلاك الممتدة أرضا من نقطة " الباز" في إطار إنارة المدينة ليلا على الأقل في إنتظار لفتة من الحكومة الموريتانية وإن كانت هذه الأخيرة لاتتذكر "شوانتي" حالها في ذلك حال حكومات متعاقبة على البلاد منذ الإستقلال أي منذ نشأة "تميمشات " وإن كان سكان الشانتية يرون في ذلك التمثيل الشكلي للدولة إعتبارا لهم فبوجود مدرسة ابتدائية ظننا أن الدولة تملكها إلا أن ظننا لم يكن في محله ، هنا بدى أن التمثيل الشكلي للسلطة الموريتانية أصبح أقل من ذي قبل فذالك المعلم التربوي البسيط في شكله كان نتاج منظمة خيرية إسبانية حسب مايرويه لنا مدير تلك المدرسة ، ذاك المدير الشاب الذي يحاول بذل طاقته رغم صعوبة المناخ كي يوصل رسالة تعليمية لما يقارب 100 تلميذ من أبناء تلك " الشانتية" كي ينهضو بمدينتهم فبالعلم فقط تنهض الشعوب ، إلا أن الدولة تركت الرجل وحيدا في مهمته تلك ، ف "تميمشات" لا يوجد بها أي معلم رسمي ، و يبقى عزاء المدير في ذلك هو تواجد معلمين عقدويين لربما رمت بهم تلك الرمال الزاحفة في طريقها نحو ذالك المدير الشاب كعون له على ست أقسام إبتدائية هي الوحيدة من نوعها في تلك " الشانتية" ولربما كان أولئك المعلمون جزءا من فيض" الكارب"على أبناء تلك القرية.
"تميمشات" وغيرها كثير من المناطق الريفية تعد بلدية لها عمدة على" الورق" و حاكم بزي عسكري وهو قائد وحدة الدرك المتواجدة هناك كما توجد أيضا بها وحدة من الدرك الموريتاني .
وجود أمني له مايبرره فالموقع الجغرافي ل " تميمشات" في أقصى الشمال الموريتاني في مايعرف بصحراء " أزفال" الواقع بين صحراء " تيجيريت و تيرس الزمور" جعل من ذاك التواجد الأمني أمر ضروري نظرا لما قد تحمله الصحراء  ، هنا تظهر صعوبة المكان وقساوة التاريخ الذي  لا يكاد يتذكر تلك " الشانتية " إلا بصعوبة بالغة حاله في ذلك حال الحكومات المتعاقبة في بلد يزخر بما في باطنه من ثروات لا تقدر ولا تحصى كالأزمات التي يعاني منها كل فرد من الشعب على حدة .
عديدة هي تلك المفارقات التي تعيشها "شوانتي" بشكل عام و منها "تميمشات " فبوجودها في خط طريق " الكارب" ومايحمل من خيرات و واقع مرير يعكسه غياب شبه كامل للسلطة المركزية وبوجود ساكنة جلها من المنمين بدى وكأن قطارا قد مر من هناك حمل في عرباته أحلام مواطنين بالحصول على حظهم وافرا  من كل ما تنتجه أرضهم دون أن يفقدوا الأمل في تحقيق ذلك الحلم وإن بدى الواقع بعيدا جدا من الأحلام والخيال .
" أستغفر الله العظيم واتوب إليه" 

 الكاتب أحمد ولد امين ولد حبيب

مسجد اتميميشات