استوقفني العنوان المتعلق بإعداد قوائم المرشحين الذي تضمنته المذكرة المعدة من طرف AOHR en Mauritanie الموجهة لرئيس بعثة مراقبي الاتحاد الإفريقي إلى موريتانيا و التي تعالج التجاوزات التي شهدتها عملية انتخاب نواب الجمعية الوطنية و المستشارين الجهويين و البلديين، لاسيما الإشارة إلى تمكن أجانب و مطلوبين للقضاء من الترشح ضمن قوائم الاتحاد من أجل الجمهورية لهذه الاستحقاقات الوطنية الهامة وغض الدولة الطرف عن ذلك رغم علمها به، و تعجبت كثيرا كغيري من المتابعين لانتخابات 2018.
لكن المثل يقول إذا عرفت السبب بطل العجب، فإذا أخذنا من هذه الحالات حالة فرض ترشيح مقاتل صحراوي في مقاطعة أفديرك ـ مازال حتى اليوم اسمه و رقمه العسكري ضمن سجلات الجيش الصحراوي و يستلم مستحقاته منه. و حللنا الإقصاء الذي تعرض له الخداد ولد المخطار من طرف UPR و الضغط و الترهيب الذي تعرضت له الوزيرة الناها بنت مكناس و التهديد بالتغريم الذي تعرض له أخوها أحمد بمجرد تفكير حزب UDP في منافسة مقاتل صحراوي مما اضطر معه الحزب لسحب ترشيح ولد المخطار في اللحظة الأخيرة دون وجه حق، و علمنا أن قبيلة المقاتل الصحراوي تعج بالكفاءات و الأطر الوطنية الذين لم يسبق لهم أن قاتلوا في صفوف جيش دولة أخرى و في مقدمتهم النائب السابق الونان ولد ببيبه و هو من علية القوم. و قارنا هذا مع إصرار الشيخ ولد باية على إقصائهم و ترشيح شخص المقاتل الحضرامي ولد أحمادي نستنتج أن هناك مؤامرة بطلاها المقاتل الصحراوي و المقدم البحري المتقاعد ولد باية اللذان يرتبطان بعلاقات مشبوهة يدخل ضمنها مراقبة المقاتل لتحركات الرئيس السابق اعلى و لد محمد فال في بوادي تيرس زمور و هذا يشفع له في إقصاء أطر من صفوف UPR و يشفع له في الضغط و الترهيب في حق مواطنين حاولوا ممارسة حقهم في المنافسة الانتخابية. و هنا مدلول المقال الذي كتبه محمد ولد بوعماتو تحت عنوان نداء لمقاومة الطغيان، الذي تحدث فيه عن تسلط نظام ولد عبد العزيز و الأيادي الخبيثة التي يستخدمها.
ومن هذه الأيادي الخبيثة طبعا ولد باية، الذي لم يكتفي باحتقار نخب حزب الاتحاد من أجل الجمهورية عامة و نخب الشمال خاصة وضرب جهودهم عرض الحائط و ترشيح نفسه و رفاقه ـ الذين لا ينتمون للحزب وقت ترشحهم ـ بل تعدى ذلك إلى الاستخفاف بالوطن و إهانة الشعب الموريتاني ككل و مؤسساته العسكرية و الأمنية، من خلال حرصه على ترشح صحراوي كان حتى سنة 1991 يقاتل ضمن عناصر الجيش الشعبي الصحراوي، قبل أن يلتحق بالعمل في مكتب الهلال الأحمر الصحراوي بوهران، الجزائر، وذلك كجزاء لهذا المقاتل من طرف إحدى الأيادي الخبيثة لولد عبد العزيز إثر مراقبته لتحركات الرئيس السابق أعلي ولد محمد فال في بوادي تيرس زمور، مما يعزز حديث ولد بوعماتو عن فرضية الوفاة المشبوهة لرئيس السابق أعل ولد محمد فال، الذي وصلت جثته مقاطعة أفديرك في سيارة إسعاف تابعة للجيش الصجراوي، قبل حجزها في مستشفى أزويرات.
و الحراك الخجول نحو المأمورية الثالثة بدأ يكشف الأيادي الخبيثة لولد عبد العزيز، و لا تتفاجئوا إن كان هناك صراع قوي بين هذه الأيادي من أجل الحفاظ على الدور، لكن إعادة ترتيب الأدوار لتمرير المأمورية الثالثة و انعدام الثقة بين هذه الأيادي سيقوي الصراع بينها للحفاظ على الدور و المنفعة الشخصية مما سيسقط نظام ولد عبد العزيز المبني على شخصيات من ورق يفتقر غالبيتهم للعلاقات الدولية لتسويق سياساته و وتنعدم فيهم المكانة الاجتماعية لحشد القاعدة الشعبية المناسبة لتمرير سياساته، وقد أثبتت ذلك انتخابات 2018، و لا يتمتعون بالحنكة و العقلانية لتدبير الشأن العام.
و ضمن سلسلة مقالات الأيادي الخبيثة لولد عبد العزيز، سنتناول الاسبوع المقبل ما هو دائم من هذه الأيادي الخبيثة و ما هو مؤقت، و ستفهمون لماذا أوعز حزب الاتحاد من أجل الجمهورية لمستشاريه البلديين بتزكية ترشح بيرام ولد الداه ولد اعبيدي لرئاسيات 2014، و كيف استخدمه ولد عبد العزيز لتشتيت جهود حركة الحر، و في الساحة الوطنية من النشطاء من هو أقدر منه و أكثر كفاءة، و ما هي شخصية ولد جاي المظهرية و دور القاسم ولد بلال الخفي، و الصراع بينه و بين ولد باي على المنافع الشخصية، و كيف أنقلب ولد عبد العزيز على حزب تواصل عندما خرج عن الحيز المخصص له، و الذي كان يستخدمه لشق صف المعارضة.
محمد ولد أميدة
كاتب و باحث مقيم في فرنسا
ماينشر على الموقع من مقالات وتدوينات لايمثل إلا أصحابها