فيما يشبه السُبات العميق ، كان بعض المعنيين بقضايَا الوطن ، قد آثروا التخلّف عن التصدي لهذه الحمى شبه الوبائية ، و كأنهم من سكان الفضاء الخارجي ، يستنجدون في كل مرة بالشباب وهم عمدوا في أحايين كثيرة إلى إقصاء شباب مقاطعة أزويراتْ ، صُوريون غير آبهين بهموم السّاكنة التي ترزح هذه الأيام تحت ويلات الناموس التي تغض المضجع و تُعكِّرُ الصفو ، أشخاصٌ في أماكن مرموقة و آخرون في وضعيات يحسبونها مريحة ، ومعظم الساكنة تترنح بل تتخبّط في أوحال الهموم ، سرقات هنا و أسعار مرتفعة حتى الأدوية لم تسلم من ارتفاع أسعارها هناك ، و حمى الضنك أصبحت كالكابوس الذي يُخيف الكبير قبل الصغير.
في محاولاتٍ تكادُ تكون خجولة من بعض الأشخاص الذين يتقاضون أجورهم مرتين ، في حين يتقاعسون عن الواجب الذي يُمليه عليهم ضمير الوطن ، المجتمع من خلال ساكنة مقاطعة أزويرات ، نعم ، تلكم مأساة شبه متعمدة ، خلفها بعض الأشخاص في وضعية تكشف جزءً كبيراً من مدى حرصهم على مصلحة البشر و لو في كنف الوطن ، بعيدون عن التعاطي الجادّ مع ما يلامس حياة الأفراد بشكل يومي ، من خدمات و نصرة ووقوف ، حتى يشعر المواطن البسيط ، و المحتاج الضعيف الذي وجد هو الآخر نفسه مسلوبَ الكرامة ولو لبرهةٍ من الزمن ، صورة لأحدهم و هو يتسلم خُنيشة صغيرة بها قطع لحم أو لحوم ، في صورةٍ جديدة تتجلى لأبشع روح جشع يتحلى بها منْ أريد لهم الإشراف أو تولى عمليات التوزيع تلك ، و بعض آخر لا يزال في انتظار خدمة تيار كهربائي ، سبق وأن تم نصب أعمدته منذ شهور ، ولكن سياسة التسويف كانت لهم بالمرصاد ، تقتل آمالهم و تقتل طموح أولادهم ، فصار الحيُّ هناك مرتعًا للسُّرّاق و نهبة المال الصغار ، حتى جمعية الفضيلة التي أرادت من ذلك الحي مقرًا لها عساها أن يتسنى لها طيب المُقام وهي تخدم أطيافًا من الساكنة عزيزين عليها ، لم تسلم هي الأخرى ، حيث سُرق ما كان في المقر ، ليس في وضح النهار بل في ظلمة الليل ، حيث لا إنارة ولو بين الشوارع الكبار.
حمى كانتْ شبه مفاجئة و لكنها كشفت الكثير ثم الكثير ، مواقفٌ مهلهلة و أخرى مذبذبة ، تدخلاتٌ شبه متقطعة تارة لبعض الشباب و تارة لبعض الجمعيات (جمعية الإبداع الشبابية ...) ، وكأنَّ الحيز انشطر إلى قسمين كالكوريتين ، في حين كان من الأجدر و الأفضل أن يتم تكثيف الجهود حتى تتضاعف الرمية التي ينبغي تسديدها بغية التغلب على هذه الحمى التي تعصف و تفتك بفئات كثيرة من ساكنة أزويرات ، حيث ترتفع نسبة الفقر في ظلِّ الحرمان و ارتفاع الأسعار ، حقيقةٌ مرة ولكنها حقيقة واقعٍ معيش ، ينبغي على المعنيين و الفاعلين من وطنيين الجلوس حول طاولة مستديرة من أجل الحلول الناجعة و المقترحات الواعدة ليس فقط لالتقاط الصور .بل لإيجاد الحلول و تجاوز الخلافات و كذلك تعزيز الثقة ، نعم ، فالوطن يجمعنا و كلمة الحق تُقوِّينَا.
في ذروة القلق ، تتباطأ الحركاتُ و تخفتُ الأصوات و تنبهر الإمَّعات و تتقهقر فِرَقُ المزمّرين من مُطبلي الندوات و ربما النزوات ، حيث يتسلل الشك أو الريبة ببطءٍ كسيرِ السارق أو اللص ليلاً ، في نفوس ضعفاء الإيمان ، الإيمان بالوطن وحقوقه على وربما ذلك هو أضعف الإيمان ، فصار المرجفون و الرويبضة ، من أنصار الأنانية العمياء ، يُفنِّدون حجم الخطر و يقللون من معاناة البشر ، وكأنهم وفودٌ جاءت في رحلة عابرة ، لا تعنيهم قضايَا الوطن في شيء و لا حتى التنمية و لا الازدهار ، وجلّ ما يُدخل علي قلوبهم الصغيرة السرور هو دُريهمات تدخل جيوبهم ، ولو على حساب المصلحة العامة و العليا للوطن ، حيث لا تزال شرائح لا بأس بها من المجتمع الزويراتي ، تتلمّس الأثر علّها تجد مُنفّساً يُنسينا قلق الأسعار المرتفعة ارتفاعاً صاروخياً أو كدرَ حمى الضنك التي ربما لم يعرف الحيز الزموري الزويراتي لها مثلاً ؛ في الماضي السحيق ولا القريب.لكنها باتت واقعاً يُسبب هاجساً مُخيفاً كالبعبع لا فكاك من التعاطي الجماعي معه و لا مناص حتى من مواجهته و هذا أمر صعبٌ لمن أراد أن يتفانى خدمةً للوطن و هذا لا يـتأتى إلاّ بالعمل التشاركي المُوفّق ، حيث يساهم الكل في دفع خطر هذه الحمى التي طرحت الكثير من الأفراد على طُرّاحات المستشفيات ، و على الحصائر في باحاتها.
عطاف ولد عبد الرحمن