سويدي وخنادق الموت
الجزء الثاني
يقول أحمد شقيق سويدي :
صمتٌ مهيبٌ وما قولٌ يطاوعني :: والقلبُ حمَّ كما يُحمى بنيرانِ
قالَ الطبيبُ سُويعاتٌ ويخطفُهُ :: حكمُ المماتِ فأشقاني وأبكاني
وبرغم من ذالك أخذت على نفسي وعدا أن اكمل لكم قصة أخي السويدي الذى يصارع الموت في هذه للحظات فرغم صوته المودع وأنفاسه المتقطعة ألح على أن أسرد ما بقى منها !!
مع صباح أول يوم لنا في أكليب أندور يقول سويدي ذهبنا نحمل بآلاتنا الى تلك الخنادق التي يحفها الموت من كل مكان أخترنا لأنفسنا جانب من تلك لحافة قال احد رفقائنا #مشونه مع لعرك .يقصد أن نلزم تلك الحفريات التي يبحث أهلها عن الموت أكثر من بحثهم عن الذهب. وجدنا لأنفسنا حافة قد هجرها أصحابها لا أعلم هل ما تو أم أصابتهم دعوة صالحة أنقذتهم من أحضان الموت المحقق .بدأنا بالحفر أو بالحراء بدأوا هم بالحفر فساعدي الأيمن لا يقوى على الحفر فقد تعرض وانا فى صغرى للتواء سلبه قوته لم أحفر معهم واخترت أن يأتي على الدور و أنزل مع أدوم وخونه في قعر لبئر وأجمع معهم ما كسروه من تلك الجدران القاسية !!!.أقول لكم كان الزمن يمر علينا بلا بداية ولا نهاية حفرنا وحفرنا ولم نجد حتى للحظة شيء !! سمعت أثناء جولتي على بعض الخيام ليلا أن جماعة من المنقبين ذهبت الى منطقة مغلقة وأطلق الجيش عليهم الرصاص بعد مطاردة طويلة توفى أحدهم ولم أتفاجئ حين سمعت آخرين يقولون هذا دليل أن بتلك المنطقة ذهب وإلا ما كان بها الجيش لم أتفاجئ كذألك حين سمعتهم يقولون أنهم ذاهبون الى هناك ..سيطر الوهم على عقولنا هناك ففي تلك الأرض القاسية لم يعد باستطاعة المرء أن يفكر إلا في طريقة يحصل بها على الذهب مهما كانت مميتة .
وفى صباح تلك ليلة و مع شروق الشمس سمعنا انهيار اهتزت له الأرض تحت أقدامنا فزعنا وحين وصلنا كان هناك أربعة شباب يصارعون الموت تحت تلك الأطنان من الرمال والحجارة كان هناك عدد كبير من المنقبين حاولوا جاهدين فعل شيء لكن ما بيدهم حيلة كنت أتألم وأنا أتخيل مدى تألم تلك النفوس تحت كل تلك الأطنان وهم يصارعون من أجل البقاء في المساء وبعد جهد متواصل اخرجوهم أخيرا بعد أن أسلموا انفسهم لبارئها رحمهم لله .لم يكونوا هم أول من التهمتهم خنادق الموت وأعلم أنهم ليسوا هم الأخيرين .كان مشهد فظيع لا تقوى على مشاهدته إلا القلوب المصنوعة من تلك الحجارة .
كنت دائما ما يشرد ذهني وانا أقبض بيدي على كومة من تلك لحجارة وأحاول أن أرتب تفكيري وارجع الى والدتي خصوصا انها قالت لي في اتصال لها سويدي انا جبرت حجة ساقها لله لي مع أحد المحسنين وان أتى لوداعها قبل سفرها وليتني فعلت فقد كبلتني خيوط الوهم وضياع حاولت مرارا أن أقاوم شجعى بالذهب وحب الغنى ولكنى لم أستطع الانتصار .فكل شيء هنا في كليب أندور يدفعني الى المواصلة والى تكبيل نفسي أكثر ..أصابتني حمى شديدة وأنهكتني والزمتني الخيمة عدة أيام أتصل على أخي أحمد الذى لم أبخل طريقة أخفى بها عنه مرضى وفى الأخير عرف أن بي خطب ما وتحت إلحاحه أخبرته أنني أعاني من حمى شديدة وطلبت منه أن لا يخبر والدتي بالأمر ليخبرني والدتك ستسافر الى الديار المقدسة في الفوج الثاني من لحجاج .وضعت الهاتف ولم اتمالك دموعي وصرت أفتش عن نفسي بداخلي ومتى تخليت عنها .اشتدت على لحمى ولم يعد جسمي يتحمل ولم اعد أستطع لأقوف فسجمي انهكته الحمى وقبل ذلك العمل الشاق والغبار المميت .غبت عن الوعى مرتين وقتها أصر أبن خالتي على أن يتصل بأخي احمد الذى رد عليه # (ألا لاهى انكيم كايسكم نجيب سويدي .( أجر أخي أحمد سيارة وواصل الطريق حتى وصل إلينا لا أعلم متى حملني أحمد فى السيارة فقد كنت غائب عن الوعى تماما ولم يتسنى لى أن أودع بابه وادوم وخونه ولبقية .حين وصلنا مستشفى زويرات واجروا لي بعض الفحوصات وعلى الفور أخبروا احمد أنى مصاب بمرحلة متقدمة من مرض التهاب الكبد c القاتل
لم يخفى أخى دموعه حين سماعه الخبر وجلس بجانبي عرفت من دموعي أخي أنى مودع لدنيا وبدى ذالك واضحا على عيناي فقد صار لاصفرار يغلب عليهم مع آلام حادة فكل مفاصلي .استسلمت للأمر الواقع .تمنيت أن تدور عجلت الزمن الى الوراء وأعود أنا سويدي كما كنت اكتشفت أنى كنت أملك ما هو أغلى من الذهب ..اشتقت كثيرا لوالدتي التي لم يتسنى لى ان اكلمها قبل سفرها لبارحه الى الديار المقدسة فأحمد لم يخبرها بمرضى بعد. حتى لا يفسد عليها حجها الذى حلمت به دائما
تقبل لله منها وأعداها إليه سالمة أعلم أنها ستحزن كثيرا على رحيلي وكل ثقتي في إيمانها بالقدر فأنا ما زلت أتذكر مواعظها يوم رحيل والدي رحمه لله .
أحمد:
وانا أكتب الحروف الأخيرة من قصة ومعانات أخي سويدي أرجوا منكم جميعا أن تترحموا على روحه الطاهرة فقد عجز الأطباء عن أنفاذ حياته ففي الساعات الأولى من هذا اليوم صعدت روحة الطاهرة الى بارئها رحمه لله
رجعت لتوي من وداعه الى مثواه الاخير
..وكل حزني عليه وعلى امثاله ممن جرهم الوهم اليه في كليب أندور ..فما بين من مات تحت انهيار جدران الموت أو من مات مثل أخي بسبب مرض الكبد او مرض السل المميت
رغم أنى خسرت أخي ولا أعلم كيف أخبر والدته بوفاته لكنى لا أحب أن أرى قصة سويدي يعشيها احد من ابناء وطني ويتألم أخ او أم مثل ألمنا
اوقفوا قوافل الموت الى كليب أندور أخاطب ضمائركم بل وأناشدكم أوقفوا شلال الألم هناك لا أريد أن يتألم أحد مثل ما تألمنا .سأودعكم لأن حتى أبدو أكثر تماسكا وأنا أستقبل المعزيين في رحيل سويدي رحمه لله.
أستودعكم لله الذى لا تضيع وداعه .
أنا محمد حرمه كاتب قصة سويدي و خنادق الموت
أشكركم على تفاعلكم وعلى طيبة نفوسكم واعتذر ان كنت قد بالغت وأعتذر عن أي خطا إملائي هدفي الأول والأخير هو أن أشارك فى حملة #أغلقوا أكليب أندور .
محمد ولد حرمه